Thursday, May 23, 2019

المفارقة أننا قد نحلم في الفترة السابقة مباشرة لاستيقاظنا

وليس من قبيل المصادفة أيضا أن تكون الأحلام التي نتذكرها على نحو أكبر، هي التي تحدث في فترات بعينها من دورة النوم لدينا، تلك التي تتأثر بمواد كيمياوية تتدفق في أجسادنا النائمة. وتقول سيكلاري: "عادة ما تحدث أكثر أحلامنا وضوحا لنا، خلال مرحلة 'نوم حركة العين السريعة ' التي يكون فيها مستوى مادة نورادرنالين متدنيا في المخ".
المفارقة أننا قد نحلم في الفترة السابقة مباشرة لاستيقاظنا من النوم، لكن ما نقوم به من أنشطة صباحية بشكل روتيني، يحول في الواقع دون أن نتذكر تفاصيل هذه الأحلام.
ومن بين العوامل التي تزيد من صعوبة تذكرنا لهذه التفاصيل، كوننا نستيقظ من نومنا في الأغلب على صوت جهاز مُنَبِه، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في مستويات الـ "نورادرنالين" لدينا.
ويتبنى هذا الرأي روبرت ستيكغولد، باحث في مجال النوم بكلية هارفارد للطب، الذي يقول: "يسألني بعضهم عن سبب عجزهم عن تذكر أحلامهم، فأجيبهم بالقول إن ذلك يحدث لأنهم يستغرقون في النوم بسرعة أكبر من اللازم، وبعمق أكثر من اللازم، ويستيقظون على صوت المُنَبِه، ويكون رد فعلهم عادة متمثلا في القول `كيف عرفت هذا؟`".
ويضيف أن الكثيرين يتذكرون الأحلام التي يرونها في الفترة الأولى من النوم، حينما تبدأ عقولهم في الشرود والانفصال عن الواقع تدريجيا، وتتراءى لهم الأطياف الشبيهة بما يرونه في الأحلام، خلال اقترابهم من مشارف النوم أو ابتعادهم عنه. ويطلق على ذلك اسم "فترة الأحلام الشبيهة بالهلاوس".
ويضيف أنه أجرى دراسة قبل سنوات، تم فيها إيقاظ أفراد العينة من الطلاب في المختبر، بُعيد بدئهم الدخول في هذه المرحلة من النوم، وكانت النتيجة أن "كلاً منهم تذكر ما رآه في أحلامه".
وتابع: "هذه المرحلة تتمثل في الدقائق الخمس أو العشر الأولى من النوم. إذا غرقت في نوم عميق - على الشاكلة التي نتمناها جميعا - فلن تتذكر شيئا مما رأيته من أحلام خلال هذا الجزء من دورة نومك".
لكن ماذا إن كنت ترغب في أن تتذكر أحلامك؟ هناك نصائح عامة ربما تساعدك على ذلك، بالرغم من تسليمنا بأن لكل شخص نائم طبيعة مختلفة عن أقرانه.
ويقول ستيكغولد: "تتسم الأحلام بهشاشة لا تصدق في المرحلة التي تلي الاستيقاظ مباشرة، وهو أمر لا نعرف له سببا. فإذا كنت من أولئك الأشخاص الذين يقفزون من الفراش وينخرطون في ممارسة شؤون يومهم، فلن تتذكر أحلامك. عندما تنام لوقت أطول صباح يوم العطلة الأسبوعية، يمثل ذلك وقتا ممتازا لتذكر هذه الأحلام".
ويشير إلى أنه يقول لطلابه: "عندما تستيقظون من النوم حاولوا البقاء في وضع الاستلقاء، ولا تفتحوا أعينكم حتى. حاولوا أن تشعروا بأنكم في وضع `الطفو` وبالتزامن مع ذلك حاولوا تذكر ما رأيتموه في أحلامكم. ما تفعلونه في هذه الحالة هو استعادة الأحلام واستعراضها في الوقت الذي تدلفون فيه إلى حالة اليقظة، وعندئذ ستتذكرونها تماما كأي ذكرى أخرى".
ويضيف ستيكغولد أن هناك طرقا ذات فرص مؤكدة بشكل أكبر للنجاح على صعيد تذكر الأحلام، تتمثل في شرب ثلاثة أكواب كبيرة من الماء قبل أن يأوي أحدنا إلى فراشه، محذرا من احتساء الجعة مثلا بدلا من ذلك، وذلك لأن الكحول من المواد المثبطة للدخول في مرحلة "نوم حركة العين السريعة".
ويشير إلى أن تناول هذه الكمية من الماء، سيجعل المرء يستيقظ ثلاث أو أربع مرات خلال الليل، ومن المرجح أن يحدث ذلك، في نهاية كل موجة من موجات "نوم حركة العين السريعة".
وهناك نصيحة أخرى يسديها بعض الباحثين في مجال النوم، تتمثل في أن تكرار المرء لنفسه وهو يستغرق تدريجيا في النوم أنه يرغب في تذكر أحلامه، يعني أنه سيستيقظ وهو يتذكر هذه الأحلام بالفعل.
وفي تعليقه على هذه النصيحة، يقول ستيكغولد ضاحكا: "إنها تؤتي أُكلها بالفعل. إذا فعلت ذلك فستتذكر أحلاما أكثر".

Thursday, May 16, 2019

كيف سيبدو شكل الأفلام بعد 20 عاما؟

فتحت التطورات التكنولوجية المتلاحقة أفاقا هائلة في مجال صناعة الأفلام السينمائية، ويسأل ليوك باكماستر بعض الخبراء عن مستقبل الأفلام السينمائية؟
منذ عقود مضت تنبأ البعض بظهور أفلام بتقنية الواقع الافتراضي تتيح للمشاهد الانغماس كليا في الفيلم السينمائي. وفي عام 1955، تنبأ المصور السينمائي مورتون هيليغ، في مقالة بعنوان "السينما في المستقبل"، بأن صناعة الأفلام السينمائية ستشهد تطورا كبيرا مستقبلا إلى حد "يجعل المشاهد يعيش التجارب العلمية الجديدة بكل حواسه وينتقل إليها بوعيه ليتفاعل مع تفاصيل أحداثها". وذكر هيليغ الكثير من خصائص تقنية الواقع الافتراضي، من دون أن يذكرها بالاسم، لأن المصطلح لم يكن قد صيغ بعد.
والآن هذا المستقبل الذي تنبأ به نعيشه الآن، مع أننا لا نزال أبعد ما نكون عن الواقع الافتراضي الذي ظهر في بعض الأفلام والمسلسلات التليفزيونية ويؤثر على العقل فيُفقد المرء القدرة على التمييز بين الواقع والخيال.
ويمكن تشبيه المرحلة الحالية في صناعة السينما، التي حلت فيها كاميرات التصوير بزاوية 360 درجة محل الكاميرات التقليدية، بالفترة ما بين أواخر القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين، التي شهدت التجارب المبكرة للأفلام السينمائية.
وباختصار، نحن نشهد بداية ثورة في مجال صناعة الأفلام، إذ فتحت التطورات التكنولوجية المتلاحقة - مثل انتشار تقنية الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي وتزايد قدرة الكمبيوتر على التحكم في العوالم الرقمية- آفاقا لا حدود لها أمام صناعة الأفلام السينمائية.
يرى كريس ميلك، الفنان والخبير في تقنية الواقع الافتراضي، أن الأفلام في المستقبل ستقدم تجارب خاصة مصممة وفقا لاختيارات كل مشاهد على حدة. ويقول كريس، في حوار مع بي بي سي، إن هذه التجارب: "ستتيح لك تشكيل القصة وقت عرضها، لترضي ذوقك وحدك، وتلبي أهواءك وميولك".
ويفضل ميلك وصف هذه التجارب بأنها "معايشة تفاصيل القصة"، وليس "سرد القصة" كما هو الحال الآن. ويرى أن التجارب السينمائية ستتطور بحيث تشعر أنها طبيعية وحقيقية تعيشها كما تعيش يوما معتادا في حياتك، لكنها تحمل سمات القصص المثيرة التي اعتدنا سماعها.
وفي إحدى المحاضرات التي ألقاها في مؤتمر "تيد" عام 2015، حول الآفاق الفنية للواقع الافتراضي، رأى ميلك أن التطورات الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي ستتيح للشخصيات التي ابتكرها الكمبيوتر، التفاعل مع الجمهور أثناء عرض الفيلم، ويشبهها ميلك بالشكل المتطور من المساعد الشخصي "سيري"، لكنه مجسد على هيئة شخصية داخل فيلم.
وبالرغم من أن ميلك لا ينكر أن هذه الشخصيات القادرة على التحدث والتفاعل معك في الفيلم كما لو كانت بشرا مثلك، لم تظهر حتى هذه اللحظة، إلا أنه يرى أننا قد نراها في أي وقت، حتى قبل 20 عاما.
تقول دي لا بينا: "ستظل الأفلام ثنائية الأبعاد تعرض على الشاشات، شأنها كشأن المذياع الذي لن يختفي من حياتنا، لكن صناعة الأفلام ستتطور لا محالة".
وتضيف: "ستعرض الأفلام تجارب مجسدة، تتيح لك التجول في جنباتها، والتفاعل معها في بيئة ثلاثية الأبعاد، لأن جمهور الشباب الذي اعتاد على التجارب المجسدة، يريد أن يكون كل شيء في حياته مجسدا، من أرائه إلى تعليمه".
أخرج يوجين تشانغ فيلم "ألوميت" بتقنية الواقع الافتراضي، الذي أشاد به جميع النقاد، ووصف بأنه من الروائع الفنية، ورأى البعض أن كفاءة المخرج تضاهي كفاءة بعض رواد الإخراج السينمائي الأمريكيين مثل دي دبليو غريفيث.
وتدور أحداث الفيلم في مدينة في المستقبل تطفو فوق السحب، واستُخدم في إنتاج الفيلم تقنية تسمى "ست درجات من حرية الحركة"، التي تتيح للمشاهد التحرك ماديا وفعليا في عالم الفيلم.
ويرى تشانغ أن تقنية الواقع الافتراضي مستقبلا ستتداخل مع سحابة الواقع المعزز، التي تعد خريطة ثلاثية الأبعاد يجري تحديثها بشكل متواصل، وتوصف بأنها النسخة الرقمية للعالم.
تقول نوني دي لا بينا، صحفية ومعدة أفلام وثائقية لقبتها صحيفة "وول ستريت جورنال" بأنها "الأم الروحية للواقع الافتراضي"، إن أول عبارة تطرأ على ذهنها بمجرد التفكير في مستقبل الأفلام هي "الفضاء ثلاثي الأبعاد"، الذي يقف على طرف النقيض من الأفلام ثنائية الأبعاد التي نشاهدها على الشاشات اليوم.